تزخر منطقة أنزي بمؤهلات فلاحية هامة تتنوع بتنوع تضاريس المنطقة. فبضفاف وادي بوسيرك تمارس منذ القدم أنشطة زراعية مسقية كانت تحقق الإكتفاء الذاتي للساكنة من حاجياتها في مجال الخضر والفواكه، حيث تنتشر بساتين السكان على طول الوادي الذي يظل في جريان دائم خلال الفصول المطيرة، مما يتيح للسكان سقي مغروساتهم وتنويع انتاجاتهم على طول السنة. كما يغدي الفرشة المائية التي تنعش عشرات الابار المنتشرة على طول الوادي.
وإلى جانب الزراعة المسقية في البساتين، تتيح تضاريس المنطقة مساحات لحقول زراعة الحبوب، وبالأخص الشعير والقمح بدرجة أقل، مما يتيح للساكنة محاصيل زراعية في السنوات الجيدة تكفي لسد حاجياتهم من الحبوب التي تشكل عنصرا رئيسيا في المطبخ المحلي. كما توفر احتياطات هامة من التبن والكلأ الذي يتيح للساكنة تربية ماشية تقتصر في الغالب على الدواب ــ الحمير ــ التي تستغل في العمل ــ حمل المؤونة والغلات وجلب الماء ــ والأبقار التي توفر للسكان الحليب والألبان ومشتقاتها، ثم الماعز والخرفان التي لا تتعدى في الغالب الأعم بضع رؤوس.
أما في القرى المستقرة في قمة الجبل، فتمارس أنشطة زراعية على المدرجات الضيقة، ويساهم مناخ هذه المنطقة في انتعاش عدد من الأشجار المثمرة التي توفر للساكنة في السنوات الجيدة دخلا إضافيا يعزز إرادات تسويق المنتوجات التقليدية. ومن هذه الأشجار نجد الخروب والأركان ثم التين والصبار ــ التين الشوكي ــ بدرجة أقل.
وتغطي جبال المنطقة أصناف متعددة من الأعشاب والنباتات المتنوعة التي يستغل بعضها في مجال التداوي والطب التقليدي، كما تستغل كحطب في البيوت الفقيرة. وتتصدر نبتة الزعتر هذه الأعشاب التي لم تستثمر بعد في التنمية المحلية على غرار عدد من التجارب الناجحة ببلدنا.
وتشكل كل هذه الموارد الطبيعية الغنية مصدرا غنيا لإنعاش تربية النحل التي كانت مزدهرة بالمنطقة، رغم تراجع الاهتمام بهذا القطاع لنقص التجربة والخبرة، وتوجه الساكنة نحو قطاعات اقتصادية أخرى لها قدرة أكبر على جذب الاهتمام سواء بالمنطقة أو عبر الهجرة.
ب ـ خلاصة :
رغم تدهور القطاع الفلاحي بالمنطقة خلال العقدين الأخيرين جراء توالي سنوات الجفاف وتراجع أهمية الفلاحة كقطاع لاستقطاب الساكنة النشيطة، إلا أن ما تزخر به المنطقة من مؤهلات طبيعية وثروات متنوعة، يمكن أن يشكل مقوما من مقومات تنمية المنطقة. فتجارب تثمين المنتوجات المحلية تؤكد أنها قادرة على الاسهام في توفير دخل قار للساكنة إن استثمرت بالشكل الأمثل، كما أن مخطط المغرب الأخضر وغيره من البرامج يفتحان آفاقا واسعة لتطوير مشاريع وأنشطة فلاحية مبنية على توظيف الإمكانات المحلية واستثمارها، خصوصا إذا توفرت الإرادة وتوحدت الجهود في إطار جمعيات وتعاونيات قادرة على تثمين المنتوج المحلي واستثماره على غرار عدد من التجارب الرائدة.